قراءة: د. عبير حسن المليجي - مصر
طفل يرتبط جوهر وجوده بقدرته علي أن يحفظ لنفسه ذكريات الفرح والبراءة رغم كل شيء، الحرب، الغُربة، الحنين والفقد! ويبدو أنه لا يجيد أفعال الصخب. قابع في مكانه في هدوء، ومن حين لآخر يشاركنا شيء من عمله عبر صفحته علي الفيسبوك، التي تعرفت عليه من خلالها منذ ما يزيد عن ستة أعوام تقريباً. وليس سراً أُخفيه أنني لم أنبهر بعمله في البداية، ورأيت أنه لابد وأن يعمل بجهد كبير علي عناصر: الرسم، التلوين والتكوين. فقد كان أمامه جهداً شاقاً بالفعل.

في هذه الآونة كان نور التوبة فناناً شاباً نشيطاً.. يرسم كثيراً، ويعرض علي صفحته رسومه باستمرار. وبمرور الوقت.. ويوماً بعد يوم.. وبإصرار واضح في كل مرة يعرض فيها عمله، كان قادراً أن يُشعرنا بصدق تجربته، وأنه يرغب بقوة ويعمل علي تطوير أدواته الفنية، وبدأت تتكشف عناصر القوة عنده، وساعده علي ذلك أنه كانت لديه الفرصة ليرسم عدداً من كُتب الأطفال للسن الصغيرة في هذا الوقت، فاكتسب خبرة مهمة من الممارسات الفعلية علي أرض الواقع.

يمضي نور التوبة ليعمل وسط أجواء نفسية وإنسانية بالفعل صعبة. قبيحة هي الحروب! وهي مأساة لمن بقي أكثر منها لمن ذهب. ولا مجال هنا للحديث عنها، فقط نذكر هذا الظرف وتوابعه القاسية لنُدرك صعوبة ما يفعله هذا الفنان الشاب! هذا الصفاء وهذه البساطة، وتلك الفرحات البريئة التي تحملها شخوصه أكثر من رائعة. لم يكن بمقدوره أن يفعل ذلك لو لم تكن تلك صفات متأصلة في روحه كفنان. وعليه أن يدافع عن هذه الروح الجميلة التي وهبه الله إياها. فكل معني وقيمة وقدرة جوهرية في حياة الفنان، هي جزء من أمانته، وعليه أن يحملها بجسارة.
من أهم ما يميز الفنان الشاب نور التوبة كرسام لكتب الأطفال هو تلك البراءة الواضحة في عمله. فهو يرسم بالفعل كطفل دون افتعال، وأتصور أنه بارع جداً ومثالي لرسم كتب الأطفال للسن الصغيرة "ما قبل المدرسة" وهذا ليس سهلاً كما يتصور البعض. ألوانه بسيطة صريحة إلي حدٍ كبير ومُفرحة جداً، ومن ثم فهناك حالة من الصفاء اللوني الواضحة في أعماله عامة. واستطاع أن يُضيف إليها بعض التأثيرات البسيطة أيضاً باستخدام برنامج الفوتوشوب، كذلك هناك تغيرات مستمرة ومتطورة يُجريها الفنان علي عناصر رسومه وكذلك الشخصيات، وكأنه يبحث في كل مرة عن طريقة للرسم وللتعبير أفضل. وأيضاً محاولات حثيثة لتطوير مستمر لشكل تفاصيل الرسم وللهيئات والخطوط والمساحات، وللعلاقات ككل تستحق التقدير، مع الوعي الواضح بضرورة الحفاظ علي بساطة الرسوم والتكوينات. إنه عمل دؤوب يحتاج لعين مُدربة لكي تراه.
يُجرب نور التوبة كثيراً.. يرسم بطريقة يدوية مباشرة بوسائط لونية عدة، وأحياناً يضيف إليها بعض الإضافات والتأثيرات باستخدام برامج الحاسوب المعروفة في هذا المجال، وفي أحيان "جميلة" يرسم بالقلم الرصاص، أو باستخدام الأبيض والأسود. وهنا يمكننا الحديث عن تجربة مميزة بالنسبة له تستحق المتابعة والثناء، شخوصه الطفولية تتميز بخفة ورشاقة مُناسبة لهيئاتها، وتثير البهجة والفرح، وتبدو وكأنها تدعونا كي ننضم إليها ونشاركها الفرح واللعب.

ولكن ماذا يا نور؟..
ماذا بعد أيها الفنان الشاب..
من متابعتي الجيدة للإبن العزيز الفنان نور التوبة، اعتقد أنه من أكثر من التقيت بهم عبر الفيسبوك الذي يعمل علي تطوير فنه جدياً، وفي فترة زمنية قصيرة إلي حدٍ كبير. واعتقد أننا يجب أن نبقي في حالة انتظار مستمرة.. نرقب بفرح وبأمل كبير طفراتك الفنية المُدهشة، فأنت تستحق. ونتوق إلي أن يأتيك نص مُذهل، يأخذك في تجربة فنية كبيرة لا تقاوم، تُفاجئنا فيها بنور الذي لم نشاهده من قبل.
الإبن العزيز نور التوبة.. ارسم ولا تتوقف، ارسم لنفسك أولاً، وللطفل الجميل بداخلك، فهذه إحدي نقاط قوتك كإنسان وفنان.. واعلم أن الغد هو غدك إن شاء الله. وستأتي اللحظة التي تُغير حياتك إلي ما تريد، في الوقت الذي يرى الله أنه الأفضل لك.. تمنياتي لك ولكل أولادنا الشباب الموهوبين بالتوفيق.
المصدر: صفحة الفنانة على الفيس بوك www.facebook.com/abhassan.elmelegy
Keine Kommentare:
Kommentar veröffentlichen